التدخل الروسي وأثاره الإقتصادية على دول دعم الإرهاب.
د.نسيب حطيط
بعد التدخل العسكري الروسي القوي والمفاجئ في سوريا يركز الجميع حول اثاره السياسية والعسكرية في الساحة السورية والجوار ويتناسون أثاره الاقتصادية السلبية إقليميا" وعالميا" وخاصة على الدول الداعمة للإرهاب وفي مقدمتها تركيا والسعودية ويقابلها الأثار الإيجابية على دول محور المقاومة وحلفائها الروس والصينيين وبعض دول اميركا اللاتينية وفق المحاور التالية :
- محور النفط والغاز الذي يشكل المحور الأساسي في الصراع العالمي مستقبلا سواء على مستوى ميزانيات الدول او على مستوى توفير إحتياجاتها للطاقة من النفط والغاز من خلال السيطرة على منابع النفط وطرق الملاحة البحرية او تمويل الحروب المشتعلة وتأمين الدعم الكامل لقوى الإرهاب التكفيري لتنفيذ الحروب الأميركية بالوكالة وزعزعة أنظمة الحكم المقاومة للمشروع الأميركي ،فالتدخل الروسي سيمنع قوافل النفط التابعة لداعش من الوصول لتركيا والعدو الإسرائيلي من حقول النفط العراقية والسورية ، مما سيؤدي لزيادة أسعار النفط جزئيا بالإضافة للتوتر في المنطقة الملتهبة بالضربات العسكرية الجوية الروسية وكذلك التحالف الدولي الأميركي والذي يمكن ان يشتعل عند أي إحتكاك بالخطأ او بالقصد يجعل السوق النفطي متوترا" وحذرا" ويدفع الدول المستهلكة للمسارعة لإمتلاك الحد الأقصى من كميات النفط تحسبا لأي طارىء وهذا مارفع أسعار النفط خلال الأسبوعين الماضيين الى سعر 52.6دولارا" أي بإرتفاع 9%عن شهر تموز الماضي، اما بالنسبة للغاز والذي تعتمد عليه أوروبا فإنه قابل للإرتفاع مع انعدام حظوظ المخطط القطري بالسيطرة على الساحة السورية لتمديد خطوط الغاز الى أوروبا وتركيا وإسرائيل وفتح المجال امام الغاز الروسي الى أوروبا عبر سوريا مع إحتفاظ روسيا وسوريا بكميات الغاز والنفط الهائلة على الساحل السوري
- إن ارتفاع أسعار النفط سيعزز ميزانيات روسيا وإيران والعراق وبعدها سوريا بعد استرجاع حقولها النفطية قريبا ،مما يريحها في تمويل عملياتها العسكرية ويخفف من اثار الحصار المفروض عليها عبر الحرب النفطية التي شنتها السعودية على روسيا وإيران خصوصا" وصحيح ان السعودية وحلفائها سيتفيدون من ذلك لكن محور المقاومة وروسيا هم اكثر حاجة لذلك وقد انعكس ذلك بإرتفاع سعر الروبل الروسي مقابل الدولار.
- إن إحتفاظ الجيش اليمني وانصار الله بمضيق باب المندب وسيطرة إيران على مضيق هرمز والتموضع العسكري الروسي على البحر المتوسط سيتيح لمحو المقاومة بالتحكم بحركة الملاحة العالمية البحرية وقوافل النفط وهذا ما سيدفع الصين للتحالف معهم او دعمهم في الحرب على الإرهاب .
- إن التدخل الروسي اثقل السعودية بأعباء جديدة ماليا" لتأمين تمويل التحالف الدولي والجماعات التكفيرية في سوريا والعراق بالإضافة لتمويل التحالف العربي ضد اليمن مما دفع الحكومة السعودية لإستخدام أرصدة الإحتياطي المالي وتجميد المشاريع الإستثمارية الكبرى وإهتزاز الريال السعودي لأول مرة منذ اكثر من 12 عاما" نتيجة الإستنزاف المستمر عبر دعمها للربيع العربي المتوحش وإستنزاف مخزونها النفطي بشكل جنوني وغير إستراتيجي مما دفع السعودية للبدء بإجراء ات التقشف كما فعل الملك فيصل في الخمسيناتوقد أنعكس ذلك على لبنان والتعثر المالي للمستقبل وشركة أوجيه لبنان مما حرم قوى 14 اذار من التمويل وهدد الاف العائلات الصيداوية والبيروتية بالعوز نتيجة عدم قبض رواتب أبنائها منذ 4 أشهر وتفكك مؤسسات المستقبل وإنعدام تقديماتها الاجتماعية .
- تأثر الاقتصاد التركي نتيجة نقص المسروقات النفطية التي يشتريها وتهديد السياحة في تركيا مما اضعف الليرة التركية 24%من قدرتها الشرائية وزاد من التضخم في الاقتصاد التركي ودفع المستثمرين للهروب الى أسواق آمنة .
- إن تهديد تركيا بالإستغناء عن الغاز الروسي او التراجع عن تمديد خط الغاز الروسي وتجميد الإستثمارات الروسية فهي تهديدات غير موضوعية لعدم توفر البديل الواقعي .
- إن الإستعراض الروسي للأسلحة الجديدة، سيفتح الأسواق العالمية امام السلاح الروسي الفعال ويهدد شركات الأسلحة الاميركية والأوروبية في المستقبل تماما كما الغت حرب تموز 2006 صفقات دبابات الميركافا الإسرائيلية بعد مجزرة وادي الحجير.
- لقد أقفل التدخل الروسي فرص الإستثمار في إعادة إعمار سوريا امام أوروبا وخاصة فرنسا التي خسرت السوق الإيرانية نتيجة موقفها السلبي من الاتفاق النووي وهي تكرره في سوريا طمعا" بالصفقات مع السعودية وقطر والتي تهدد المصالح الأميركية وهذا مالن تسمح به أميركا بعد تقلص نفوذها في المنطقة .
إن للتدخل الروسي في سوريا أهداف مرحلية وأخرى إستراتيجية تتصل بالأمن القومي الروسي وإعادة رسم مناطق النفوذ في العالم وترسيخ عالم جديد يقوده عدة أقطاب ترث القطب الأميركي الواحد الذي حكم لثلاثة عقود بعد تفكك الإتحاد السوفياتي ولذا فإن الحرب المشتعلة حرب مركبة ومعقدة وعلينا التصرف بصبر وانتهاج ثقافة المقاومة المستدامة ...حتى النصر .